أختيار موقع إعادةالتوطين ورد ود الافعال
أنطلقت في 10 أكتوبر أشاعة قوية بأن الحكومة أجازت موقع خشم القربة، وكان الناس مفجوعين ومشمئزين الي درجة كبيرة وعلي أقتناع تام بصحة هذه الانباء السيئة .، وفي منتصف يوم14 أكتوبر جاءني صالحين وأخبرني بنبرة الامر الواقع بان الناس قلقون للغاية من قرار الحكومة باختيار خشم القربة فقلت له انني لم اتلقي أي إخطار رسمي بذلك، وسألته عن مصدر معلوماته فأ جاب " لايوجد دخان بلا نار " وشعرت بانني حوصرت أيضا بالشائعة فأجريت أتصالا باللجنة وبعد لحظات سمعت صوت د محمد أحمد وزير الصحة فأسر لي بالخبر المفجع بأن مجلس الوزراء وبعد دراسةكافة اوجه التقارير التي رفعها الخبراء العالميون والمحليون قد أختار خشم القربة بأعتباره أحسن المواقع لتوطين اهالي وادي حلفا ،,وان وفدا وزاريا سيزور وادي حلفا لاعلان السكان بالقرار ،وفي هذه اللحظة شعرت بحالة الاجهاد العصبي فقلت له أن القرار لم يعد سرا بالن.سبة للاهالي الذين تحصلوا عليه بطريقة ما قبل اعلانه بايام
وكان الشعور العام تجاه الحكومة يتسم بالمرارة البالغة وسيكون ابتعاث وفد وزاري في ظل هذه الظروف أشبه بالتلويح بخرقة حمراء لثورهائج وأخبرت الوزير بانني أتوقع استقبالا سيئا للوفد الوزاري ولا ادري سببا لارساله الي حيث يتلقاه الناس بالسخرية والزعيق واذا كان الراي اقناع الاهالي بالحكمة فمن الافضل ارسال وفد من وادي حلفا للالتقاء بالمسئولين في الخرطوم فاما أن يتم اقناعهم ليواجهوا أهلهم بالقرار عند عودتهم ويمحوا مخاوفهم وآما أن يحاولوا حث الحكومة علي العدول عن قرارها وفي كل الاحوال كانت زيارة الوزراء غير مرغوب فيها عند هذا المنعطف من مجري الاحداث .
وقد اعرب د محمد احمد عن تفهمه وأشار الي مخاطبة اللواء البحاري وزير الداخلية كتابة وانتهت المحاد ئة التليفونية وهكذا سبق السيف العذ ل واصبح لزاما في نهاية الامر أن يواجه الجميع الموقف مباشرة .
وبدأت أفكربجدية في المخاطر المحتملة لاندلاع أحداث شغب لهذه التطورات الاستفزازية ، فهاتفت داود عبد اللطيف وزودته بتقرير كامل عن الموقف ، وكان علي مخاطبة الوزير عن طريق رئيسي المباشر من الناحية الامنية حسن علي عبد الله وكيل وزارة الداخلية ،وشرحت له الوضع ومخاوفي وطلبت منه ابلاغ الوزير بضرورة ارجاء الزيارة وتبني اقتراحاتي كحل توفيقي، وفي 18 أكتوبر إتصل بي اللواء البحاري في الهاتف وأخبرني باستلام خطابي وتقريري وأطلع علي المذكرة التي رفعها اليه الوكيل إلا أن مجلس الوزراء مع تقديره لما أثاره الأهالي من أختيار موقع خشم القربة فقد قرر أن تمضي ترتيبات الزيارة المقررة حسبما كان مقررا لها في 21 أكتوبروسيكون الوفد برئاسة اللواء طلعت فريد وزير الاستعلامات والعمل، وشخصه، واللواء مقيول الامين وزير الزراعة، ودكتور محمد أحمد علي وزيرالصحة،ويرافقهم داود عبد اللطيف رئيس لجنة اعادة التوطين، وممثلون من وزارتي الزراعة والري ،.ولدهشتي طلب مني تحضيرإاستقبالات شعبية في المطار وفي المدينة وقري دغيم /أرقين أشكيت /دبيرة / سرة / فرس ،وأخبرني بأن وزير الاستعلامات طلعت فريد سيرسل بطائرة خاصة الي حلفا فنيين من الوزارة لتركيب محطة اذاعية محلية وتوزيع اجهزة راديو للسكان للاستماع الي القرارات المتعلقة بوطنهم الجديد .
وبمجرد وضع سماعة الهاتف تسربت الاخبار الي المدينة وتشبع السكان بالقسوة وروح العداء وساء الموقف بتحرك العناصر المتطرفة التي استغلت الوضع وكنت اشعر بالايدي الخفية التي كانت تتحرك في اتجاه التصعيد .
وفي اليوم التالي نشرت برنامج الزيارة وعقدت اجتماعا مع الشرطة حيث درسنا الموقف باستفاضة، وكنا علي علم بان النوبيين مسالمون وليس لديهم ميول عدوانية ولكن الاثارة العنيفة التي تعرضوا لها جعلتنا نتحسب لردود الافعال المتوقعة وبعد استعراض كافة ردود الافعال المتوقعة وكافة الاحتمالات رأينا أن أستعراض القوة من جهتهم التي لن تتعدي مظاهرة صخمة يمكن السيطرة عليها بامكانات شرطتنا المتواضعة .
وعقدت اللجان المحليةأجتماعا وقررت مقاطعة زيارة الوفدالوزاري وسهلت هذه الانباءمشكلتنا الامنيةوأعطتنا فسحةمن الوقت لضمان أستقبال يتسم بالهدوءوالسكينة والذي هوعلي دراية بالاعراف النوبية الاجتماعية يري في المقاطعة تعبيرا بالغ الاثر عن عدم الرضا والاستياء .
أما المؤيدون لخيار خشم القربة فقد كانوا سعداء ومنشرحون من بين وجوه السكان ذوي الوجوه المتهجمة والعابسة وانتعشت ارواحهم بتحول مجري الاحداث فاستقبلوا نبأ الزيارة بسرور غامر وتبادلوا التهاني مع مؤيديهم وقرروا أن يكون الاستقبال حافلا ورفض حي التجار الانضمام لحركة المقاطعة وكذلك العناصر غير النوبية بالمدينة والتي كان تعاطفها مع اهالي دغيم مهزوزا فأنحازت لخيار خشم القربة وبالرغم من أن أغلب السكان سيلزمون منازلهم فقد كان هناك ما يكفي من حشد لاستقبال القادمين وتم توفير أحتياجات نقل المؤيدين من القري .
وفي السابعة صباحا وصلت الطائرة وعلي متنها كل الوفد وعند نزولهم منها أستقبلتهم الجموع بالهتاف، وفي الطريق إلي فندق النيل كانت شورارع دغيم خالية تماما من الناس الذين نفذوا المقاطعة بالاجماع ،وبعد الافطار تحرك الوفد إلي ساحة المدينة ووجدوا حشدا كبيرا في أستقبالهم فتلقاهم أعضاء الوفد بالارتياح وشقوا طريقهم وسط الشعارات والهتافات حيث أخذوا مقاعدهم داخل السرادق، وأثناء اللقاء لاحظت جمعا من حوالي مائتي شخص يتجه في موكب علي الطريق المواجه لمباني المجلس يتجه نحو ساحة المدينة يحملون لافتات سوداء ويهتفون "بسقط ...يسقط خشم القربة "،وأستطعت أن أتبين ملامحهم أنهم كانوا أهالي أرقين وأندفعت الشرطة اليهم وفرقتهم قبل أن يصلوا الي الساحة وألقت القبض علي عدد مقدر منهم وساقته الي المخفر .
وبعد الظهر ذهبت الي مركز الشرطة للاطمئنان علي موقف الامن ولاحظت وجود حوالي سبعين معتقلا يستظلون بأشجار فناء المركز وقد أدهشني أن أجد بينهم سعاد أبراهيم الخريجة الجامعية التي تعمل بمصلحة الاحصاء والتي قيل لي أنها كانت تحرض الاهالي للانضمام إلي المظاهرة القادمة من أرقين،وحينما كنت أراجع حالتها تلقيت مكالمة هاتفية من اللواء محمد نصر عثمان عضو المجلس الاعلي للقوات المسلحة، فاخبرني بأنه نما الي علم الرئيس عبود [أن حوالي سبعين شخصا قد تم أعتقالهم بواسطة الشرطة لاشتراكهم في مظاهرة سلمية، فاكدت له صحة الامر فمضي إلي القول بأن الرئيس قد أصدر توجيهات بإطلاق سراح المعتقلين فورا وألا تستخدم الشرطة القوة ضد المتظاهرين الذين ينبغي السماح لهم بقدر الامكان بالتنفيس عن غضبهم بالطريقة السلمية تقديرا للحالة العامة لروحهم المعنوية .
يتبع
أنطلقت في 10 أكتوبر أشاعة قوية بأن الحكومة أجازت موقع خشم القربة، وكان الناس مفجوعين ومشمئزين الي درجة كبيرة وعلي أقتناع تام بصحة هذه الانباء السيئة .، وفي منتصف يوم14 أكتوبر جاءني صالحين وأخبرني بنبرة الامر الواقع بان الناس قلقون للغاية من قرار الحكومة باختيار خشم القربة فقلت له انني لم اتلقي أي إخطار رسمي بذلك، وسألته عن مصدر معلوماته فأ جاب " لايوجد دخان بلا نار " وشعرت بانني حوصرت أيضا بالشائعة فأجريت أتصالا باللجنة وبعد لحظات سمعت صوت د محمد أحمد وزير الصحة فأسر لي بالخبر المفجع بأن مجلس الوزراء وبعد دراسةكافة اوجه التقارير التي رفعها الخبراء العالميون والمحليون قد أختار خشم القربة بأعتباره أحسن المواقع لتوطين اهالي وادي حلفا ،,وان وفدا وزاريا سيزور وادي حلفا لاعلان السكان بالقرار ،وفي هذه اللحظة شعرت بحالة الاجهاد العصبي فقلت له أن القرار لم يعد سرا بالن.سبة للاهالي الذين تحصلوا عليه بطريقة ما قبل اعلانه بايام
وكان الشعور العام تجاه الحكومة يتسم بالمرارة البالغة وسيكون ابتعاث وفد وزاري في ظل هذه الظروف أشبه بالتلويح بخرقة حمراء لثورهائج وأخبرت الوزير بانني أتوقع استقبالا سيئا للوفد الوزاري ولا ادري سببا لارساله الي حيث يتلقاه الناس بالسخرية والزعيق واذا كان الراي اقناع الاهالي بالحكمة فمن الافضل ارسال وفد من وادي حلفا للالتقاء بالمسئولين في الخرطوم فاما أن يتم اقناعهم ليواجهوا أهلهم بالقرار عند عودتهم ويمحوا مخاوفهم وآما أن يحاولوا حث الحكومة علي العدول عن قرارها وفي كل الاحوال كانت زيارة الوزراء غير مرغوب فيها عند هذا المنعطف من مجري الاحداث .
وقد اعرب د محمد احمد عن تفهمه وأشار الي مخاطبة اللواء البحاري وزير الداخلية كتابة وانتهت المحاد ئة التليفونية وهكذا سبق السيف العذ ل واصبح لزاما في نهاية الامر أن يواجه الجميع الموقف مباشرة .
وبدأت أفكربجدية في المخاطر المحتملة لاندلاع أحداث شغب لهذه التطورات الاستفزازية ، فهاتفت داود عبد اللطيف وزودته بتقرير كامل عن الموقف ، وكان علي مخاطبة الوزير عن طريق رئيسي المباشر من الناحية الامنية حسن علي عبد الله وكيل وزارة الداخلية ،وشرحت له الوضع ومخاوفي وطلبت منه ابلاغ الوزير بضرورة ارجاء الزيارة وتبني اقتراحاتي كحل توفيقي، وفي 18 أكتوبر إتصل بي اللواء البحاري في الهاتف وأخبرني باستلام خطابي وتقريري وأطلع علي المذكرة التي رفعها اليه الوكيل إلا أن مجلس الوزراء مع تقديره لما أثاره الأهالي من أختيار موقع خشم القربة فقد قرر أن تمضي ترتيبات الزيارة المقررة حسبما كان مقررا لها في 21 أكتوبروسيكون الوفد برئاسة اللواء طلعت فريد وزير الاستعلامات والعمل، وشخصه، واللواء مقيول الامين وزير الزراعة، ودكتور محمد أحمد علي وزيرالصحة،ويرافقهم داود عبد اللطيف رئيس لجنة اعادة التوطين، وممثلون من وزارتي الزراعة والري ،.ولدهشتي طلب مني تحضيرإاستقبالات شعبية في المطار وفي المدينة وقري دغيم /أرقين أشكيت /دبيرة / سرة / فرس ،وأخبرني بأن وزير الاستعلامات طلعت فريد سيرسل بطائرة خاصة الي حلفا فنيين من الوزارة لتركيب محطة اذاعية محلية وتوزيع اجهزة راديو للسكان للاستماع الي القرارات المتعلقة بوطنهم الجديد .
وبمجرد وضع سماعة الهاتف تسربت الاخبار الي المدينة وتشبع السكان بالقسوة وروح العداء وساء الموقف بتحرك العناصر المتطرفة التي استغلت الوضع وكنت اشعر بالايدي الخفية التي كانت تتحرك في اتجاه التصعيد .
وفي اليوم التالي نشرت برنامج الزيارة وعقدت اجتماعا مع الشرطة حيث درسنا الموقف باستفاضة، وكنا علي علم بان النوبيين مسالمون وليس لديهم ميول عدوانية ولكن الاثارة العنيفة التي تعرضوا لها جعلتنا نتحسب لردود الافعال المتوقعة وبعد استعراض كافة ردود الافعال المتوقعة وكافة الاحتمالات رأينا أن أستعراض القوة من جهتهم التي لن تتعدي مظاهرة صخمة يمكن السيطرة عليها بامكانات شرطتنا المتواضعة .
وعقدت اللجان المحليةأجتماعا وقررت مقاطعة زيارة الوفدالوزاري وسهلت هذه الانباءمشكلتنا الامنيةوأعطتنا فسحةمن الوقت لضمان أستقبال يتسم بالهدوءوالسكينة والذي هوعلي دراية بالاعراف النوبية الاجتماعية يري في المقاطعة تعبيرا بالغ الاثر عن عدم الرضا والاستياء .
أما المؤيدون لخيار خشم القربة فقد كانوا سعداء ومنشرحون من بين وجوه السكان ذوي الوجوه المتهجمة والعابسة وانتعشت ارواحهم بتحول مجري الاحداث فاستقبلوا نبأ الزيارة بسرور غامر وتبادلوا التهاني مع مؤيديهم وقرروا أن يكون الاستقبال حافلا ورفض حي التجار الانضمام لحركة المقاطعة وكذلك العناصر غير النوبية بالمدينة والتي كان تعاطفها مع اهالي دغيم مهزوزا فأنحازت لخيار خشم القربة وبالرغم من أن أغلب السكان سيلزمون منازلهم فقد كان هناك ما يكفي من حشد لاستقبال القادمين وتم توفير أحتياجات نقل المؤيدين من القري .
وفي السابعة صباحا وصلت الطائرة وعلي متنها كل الوفد وعند نزولهم منها أستقبلتهم الجموع بالهتاف، وفي الطريق إلي فندق النيل كانت شورارع دغيم خالية تماما من الناس الذين نفذوا المقاطعة بالاجماع ،وبعد الافطار تحرك الوفد إلي ساحة المدينة ووجدوا حشدا كبيرا في أستقبالهم فتلقاهم أعضاء الوفد بالارتياح وشقوا طريقهم وسط الشعارات والهتافات حيث أخذوا مقاعدهم داخل السرادق، وأثناء اللقاء لاحظت جمعا من حوالي مائتي شخص يتجه في موكب علي الطريق المواجه لمباني المجلس يتجه نحو ساحة المدينة يحملون لافتات سوداء ويهتفون "بسقط ...يسقط خشم القربة "،وأستطعت أن أتبين ملامحهم أنهم كانوا أهالي أرقين وأندفعت الشرطة اليهم وفرقتهم قبل أن يصلوا الي الساحة وألقت القبض علي عدد مقدر منهم وساقته الي المخفر .
وبعد الظهر ذهبت الي مركز الشرطة للاطمئنان علي موقف الامن ولاحظت وجود حوالي سبعين معتقلا يستظلون بأشجار فناء المركز وقد أدهشني أن أجد بينهم سعاد أبراهيم الخريجة الجامعية التي تعمل بمصلحة الاحصاء والتي قيل لي أنها كانت تحرض الاهالي للانضمام إلي المظاهرة القادمة من أرقين،وحينما كنت أراجع حالتها تلقيت مكالمة هاتفية من اللواء محمد نصر عثمان عضو المجلس الاعلي للقوات المسلحة، فاخبرني بأنه نما الي علم الرئيس عبود [أن حوالي سبعين شخصا قد تم أعتقالهم بواسطة الشرطة لاشتراكهم في مظاهرة سلمية، فاكدت له صحة الامر فمضي إلي القول بأن الرئيس قد أصدر توجيهات بإطلاق سراح المعتقلين فورا وألا تستخدم الشرطة القوة ضد المتظاهرين الذين ينبغي السماح لهم بقدر الامكان بالتنفيس عن غضبهم بالطريقة السلمية تقديرا للحالة العامة لروحهم المعنوية .
يتبع